Posts

Showing posts from 2020

لم نواجهها عراة

Image
  لا أعتبر ما أكتبه هنا تحليلا سياسياً، أو بحثاً اجتماعياً، بل رأي أو خواطر لا تخضع لـ “ميكانزمات” التحليل، ولا للنقد العلمي الممنهج، لذا أكتب ومن موقعي كشاهد ومتعايش للأحداث التي رافقت الثورة. الثورة، باعتبارها فعلاً أدبياً جماعياً، هي مقابل للفعل الأدبي الفردي ( الأخلاق) ، أي أنه تمثّل مادي يقوم به الإنسان لممارسة رغبته في الرفض، والتعالي، والحلم. لكنني، بعدسة المراقب من بعيد، أرى كالعادة انقسام الناس المتجدد سنوياً في كل سابع عشر من ديسمبر، الكثيرون يشتمون البوعزيزي ومن أنجب البوعزيزي، غير مدركين أنه لا دخل له لا من قريب ولا من بعيد في ما حدث في 2010 و 2011، بل ان الاجتماع الشعبي الذي انعقد أمام مقر السلطة (الولاية) كان هو الشرارة الفعلية، والقرار الجماعي، للقيام بتمرد. يقوم الناس هنا بشتم كل ما له علاقة  بالإصطلاح الثوري من الجانب اللغوي، كلمات  “الثورة”، “الانتفاضة”، “الياسمين”، ” ثورة الحرية والكرامة”، الى آخره….كلها تثير امتعاضهم،  وتسبب لهم عدم الارتياح، وهذا طبيعي، لأنها تلمس ثوابتهم، أساس هجوم الناس هنا  هو ليس أخلاقياً البتّة، بل هو ذو خلفيات إقتصادية، فمن كان متعشّما من الن

بروكلين، أو الضفة الأخرى

Image
بروكلين، وبالتحديد ويليامسبرغ. قمت بنقل أدباشي دفعة واحدة على متن السيارة ، من المدينة الصغيرة وسط بنسلفانيا، الى ضجة نيويورك التي لا تنتهي. حشوتُ كل حياتي الصغيرة هناك في خلفية السيارة ، ثلاث سنوات مرت كلمح البصر، وضعتها كاملة على رفوف هاته العربة. المسافة لم تكن طويلة جدا، خمس ساعات من وسط بنسلفانيا الى نيوجرسي ثم نيويورك. هاته المسافة نفسها تختزل وطني كاملا، ترحل بي من تونس الى جربة، كي تصبح هنا، مجرد عدد من الساعات بين ولاياتين متجاورتين. بروكلين، حي الباحثين عن الأمل، المتعبين والمهاجرين والحالمين، وحي الطبقة الجديدة المرفهة التي أخذت تلتهم شيئا فشيئا منازل الفقراء، عبر الوكالات العقارية التي تشتري البيوت، ثم تكتريها بسعر خيالي، أو المالكين الجدد الذين يرفعون أسعار الايجار بشكل مشط، ثم يقومون بطرد السكان التقليديين واستجلاب الطبقة الأخرى المستعدة لدفع الثمن. كانت الشقة تقع في الطابق الأرضي في حي ويليامسبيرغ، أخذت أتجول في الشوارع، باحثا عن شيء ما. الحي يهودي بامتياز، تنتشر اللغة العبرية هنا على معظم البنايات وحتى باص المدرسة وعلامات المرور والاعلانات التجارية،  كما أرى مجتمع الحسي