لم نواجهها عراة
لا أعتبر ما أكتبه هنا تحليلا سياسياً، أو بحثاً اجتماعياً، بل رأي أو خواطر لا تخضع لـ “ميكانزمات” التحليل، ولا للنقد العلمي الممنهج، لذا أكتب ومن موقعي كشاهد ومتعايش للأحداث التي رافقت الثورة. الثورة، باعتبارها فعلاً أدبياً جماعياً، هي مقابل للفعل الأدبي الفردي ( الأخلاق) ، أي أنه تمثّل مادي يقوم به الإنسان لممارسة رغبته في الرفض، والتعالي، والحلم. لكنني، بعدسة المراقب من بعيد، أرى كالعادة انقسام الناس المتجدد سنوياً في كل سابع عشر من ديسمبر، الكثيرون يشتمون البوعزيزي ومن أنجب البوعزيزي، غير مدركين أنه لا دخل له لا من قريب ولا من بعيد في ما حدث في 2010 و 2011، بل ان الاجتماع الشعبي الذي انعقد أمام مقر السلطة (الولاية) كان هو الشرارة الفعلية، والقرار الجماعي، للقيام بتمرد. يقوم الناس هنا بشتم كل ما له علاقة بالإصطلاح الثوري من الجانب اللغوي، كلمات “الثورة”، “الانتفاضة”، “الياسمين”، ” ثورة الحرية والكرامة”، الى آخره….كلها تثير امتعاضهم، وتسبب لهم عدم الارتياح، وهذا طبيعي، لأنها تلمس ثوابتهم، أساس هجوم الناس هنا هو ليس أخلاقياً البتّة، بل هو ذو خلفيات إقتصادية...