هجرة مؤقتة بلا عودة.
حين هاجرت، قمتُ بالاقدام على الانتحار. أنا لا أكذب عليك هنا، لقد قمتَ بقراءة العبارة بالشكل الصحيح: لقد أقدمتٌ على الانتحار. حين تقوم بمغادرة بوابة المطار في بلدك، وتذهب الى بلدٍ آخر، بنية الهجرة لا بنية الزيارة، فأنت تموت هناك، تقع روحك على عتبات باب المغادرة، ولا ترحل معكَ أبدًا. حين تقلع الطائرة، تقلع معها روحك، وتصعد للسماء، فعلٌ مثل عملية الموت تماما وصعود الروح الى عالمٍ آخر. وحين تبلغ الطائرة مطار بلد الاستقبال، وتجد نفسك في بلد آخر، أنت لستَ أنتَ بعد الآن، بصفة نهائية أيضًا. لمَ أقول ذلك؟ لأنكَ تخسر كل شيء حرفيا: أصدقائك الذين كنت تذهب معهم كل يوم الى كل مكان، لم يعودوا معك الحانات الذي كنتَ ترتادها وتحبها، والمقاهي الصغيرة بالكراسي البيضاء البلاستيكية في الحي والتي كنتَ تحب الجلوس فيها لساعات في ساعات مراهقتك ثم ساعات شبابك الأولى، لم تعد على مرمى حجر منك، الى الأبد. صباح بيتكَ الدافئ مع العائلة، وابتسامة والدتك مع السابعة والنصف صباحا وهي تقدم لك القهوة بالحليب وسندويتش الزبدة ومعجون السفرجل الدافئ، انسَ ذلك تمامًا. هل تذكُر لعبك الأول وأنت طفل، ألفتك الكبيرة مع الشوار...