وِحدة
أتصور، أن اكبر اكتشاف تعلقت به في الأربع سنوات الأخيرة، كان هو الوحدة.
لم يكن الاكتشاف الكبير السفر، ولا الاغتراب، ولا اللغة ولا الحضارة: كان الوحدة، الوحدة الحقيقية.
لم يعني ذلك أبدًا أنني كنتُ وحيدا فيزيائيًا: بالعكس، كان الوجود في أمريكا بابا مفتوحًا كبيرًا، كنت ألتقي الناس كل يوم.
الا أنني أصبحتُ وحيدًا حقيقيا، بالمعنى الروحي.
أصبحتُ أجلس مع الشخص، أو النديم، أو الصديقة المعجب بها، ونتحدث لفترة طويلة، دون أن تنقصَ من درجة وحدتي انمُلةٌ واحدةٌ.
أصبح هناك جدارٌ، جدارٌ كبير جدا، وسميك بشكل مرعب، يحول بيني وبين لمس دواخل الآخر، حتى أصبح البشر الذي يحاول التواصل معي، يفشل فشلاً ذريعا، بينما ينجح قط، او سنجاب في الحديقة الشاسعة، او كرسي، في ذلك.
اشتقتُ أن أحس أنني مع شخص ما، أن أحس بالرفقة: الرفقة هي التعبير المثالي لما ينقصني بشدة. أنا لا اتحدث عن حب أو صداقة او محبة أو لقاءات او معرفة أو شبكة علاقات او صداقات، كل ذلك يحدثُ كل يوم.
أنا أتحدث عن الرفقة الحقيقية، التي لا تحتاج حتى الكلام كي تشتعل كالنار. أتذكر جيدا أنني كنتُ اجلس مع صديق الطفولة والمراهقة، أمام بيت منزلهم الكبير في ليل الصيف القائظ، نستمع الى الموسيقى تنبعثُ من هاتفه. كنتُ أعبث بالتراب بحصاة صغيرة، بينما كان هو يحرك عودًا من الوقيد على الأرض دون أن ينبس ببنت شفة. كان هناك صرارٌ اسود اللون على بعد بعض الخطوات منا يصدح دوما، وكان ضوء انارة الشارع شديد البرتقالية يجعل كل شيء شبيهًا باللون الاصفر أوالأحمر.
اشتقت الى ذلك جدا، لأنني حينها على الرغم من الصمت الشديد، كنت احس برفقة، رفقة حقيقية حية وصادقة ومتمثلة بكل كينونتها في قلبي وفي السماء وفي الوجود.
لوحة "وِحدة" لايفا دفورساك.
راقت لي
ReplyDeleteسلمت اناملك
هذه الوحدة لا يعوضها إلا الانسان الذي تعودت ان تكون معه في جميع حالاتك و انت صامت و انا تروي له تفهات يومك و هو يصغي بتمعن
ReplyDeleteسررت عندما وجدت نصوصاً لم يسبق لي قراءتها من قبل، أتمنى أن تستمر في النشر هنا أيضاً.
ReplyDeleteاحلى ما بكتابتك تعبيرك المباشر عن الاحساس الصعب بكل سهوله وهاد انت السهل الممتنع رائعه اخرى .. شكرا الك ♥️
ReplyDelete-فعلا كتبتك كانت رائعة جدا
ReplyDeleteاتمنى ترجع تكتب.
ReplyDelete